لا تحني ظهرك للخوف| فيلم القلعة الزجاجية.

390f4b7b359d16f8a4958b2d9f586c5c

 

هل شعرت يومًا بأنك تسير ضمن نطاق حدّده لك شخص ما! وبعدما قطعت مسافةً طويلة صحوت من غفلتك لتكتشف بأنه لم يكن الطريق الذي أردته لنفسك.
هل سألت نفسك: هل أنا ذلك الشخص الذي أطمح أن أكونه؟ هل فعلت كل ما أحبّ فعله حقًّا؟ أم أنني عشت الحياة كرجل آلي برمجهُ الآخرون، وعاش يفعل ما يعتقد أن الآخرين سيعجبون به إن فعل ذلك، متناسيًا رغبته الحقيقة، متناسيًا ما يحبّ وما يكره!
تلك هي التعاسة الحقيقة، أن يمضي عمرك دون أن تفعل شيئًا تحبّه، دون أن تشعر بالحب لما تفعله، أن يكون عطاؤك بناءً على أوامر الآخرين، وليس بناء على رغبة وحب يدفعانك.

هل أطلق عليك شخص مّا حكمًا مسبقًا بأنك لن تبرع في هذا الشيء، ومضيت وكافحت وجاهدت فقط لتثبتَ له أنّك تستطيع! واستطعت، ولكن مع الأسف ليس دافعك الحبّ لفعل ذلك، بل لإثبات أنه على خطأ، ثمّ بعد أن نجحت في إثبات أنه مخطئ توقفت طويلًا، تبعثرت همّتك، وشعرت بأنك ظللت الطريق، لقد أثبت له أنه خاطئ، وماذا بعد؟ ليس هذا ما تريد فعله في أعماقك، أنت قطعت شوطًا طويلًا ولكن في طريقٍ خاطئ! أنت ضللت طريقك إلى ذاتك، وكسرت المصابيح التي تضئ داخلك، إن في داخلك عتمة موحشة، ولا خلاص منها!

 

6947727d377f8a5e0d1ef8e2ddf1ddfe

 

(جانيت الفتاة اليافعة في فيلم القلعة الزجاجية The Glass Castle عاشت حياةً ليست مثالية، يتخللها هروبٌ دائم من المباحث الفيدرالية بسبب أسلوب العيش الذي اختارته عائلتها، وهو الأسلوب العشوائي، التنقل والنوم في العراء، والدها  الذي يرى بأن قيمة الحرية تكمن في التحرّر من عوائق المدن والحياة المتحضرة، أن العلم والمعرفة توجد في الحياة والطبيعة وليس من الضروري اكتسابها بالتعلم في المدارس والجامعات، ووالدتها الفنانة البوهيمية روزماري التي لم تجد التقدير سوى مع زوجها، أثناء رحلاتهم العشوائية وتنقلاتهم الكثيرة يعلّمها والدها كيف تواجه الحياة بقوة، كيف تحبّ ذاتها وتتقبلها على علّاتها، من خلال حكاياته الخيالية، وأسلوبه السحري في تحويل النقائص والمشاكل إلى مزايا، ففي إحدى المشاهد يصف كيفَ أن سكان الشقق الفاخرة محرومين من الاستلقاء على الأرض وتأمل السماء في الليل قبل النوم، كان يهدي أطفاله النجوم في المناسبات والأعياد، فيجعل لكل واحدٍ منهم نجمًا يختاره ويصبح له، قائلًا: بينما تتلف ألعاب الأطفال الثمينة وتتكسر أنتم ستبقى لكم النجوم لن تتلف وتتغير.
بالرغم من الفوضى والإهمال التي تجدها وإخوتها من والديها، إلّا أن تلك القيم والمعارف التي تعلّمتها أثناء رحلتها الشاقة، وبالرغم من انفصالها مؤخرًا عن عائلتها، واختيارها الحياة الراقية التي تحلم بها، وخجلها الدائم من ذكر والديها أمام الآخرين، تجعلها تلك القيم تستيقظ في نهاية المطاف إلى أن عليها أن تقبل ذاتها كما هي، ليس عليها أن تصبح شخصًا آخر ليحبها الآخرون، اللحظات التي تقاسمتها مع عائلتها المليئة بالحب والمتعة أثمن من أن تخجل منها أو تتنكر لها.
والأجمل في ختام الفيلم ظهور الشخصيات الحقيقية التي جسّد الفيلم قصتهم)

 

الهروب المتكرر في الفيلم سواء من الذكريات أو من الماضي، أو من اعتقاد الآخرين وتوقعاتهم، جعلني أتأمل كثيرًا في حياتي، هل قراراتي بناء على دافع شخصيّ بحت، أم أن هنالك مراعاة لمشاعر الآخرين!
هل ما أقوم به يُشعرني بالسعادة حقًّا!
هل ما زالت ثابتة على قيمي، وهل أمثّل ذاتي، وهل ما زلت ممسكة بالحبل الذي يوصلني إلى ذاتي كلما سقطت أو تعثرت!
الأوان لم يفُت على شيء، والقيم التي نتعلمها سواء في الصغر، أو في رحلة الحياة، أو من خلال التجارب، هي خلاصة نعلّمها للآخرين، إننا ننظر من الجانب الذي نريد النظر منه، أيًا كانت الحياة التي وصلنا إليها، لابد وأن هنالك تفرعات كثيرة لهذا الطريق، ليس علينا الوقوف، والاستسلام، إن ضللت اختر الطريق الذي يعيدك إلى المسار الصحيح، المسار الذي يوصلك بذاتك، بحلمك، وبأهدافك، وبطموحك.

 

الخوف من الآخرين هي الآفة والدابة التي تأكل منسأة قوّتك، لترديك ميتًا في النهاية، لا حياة في عينيك، ولا روح في ابتسامتك، لا تخف مما سيقوله الآخرين عنك، حدّد قيمك، اجعلها قوية ومتينة، ثم امضِ في طريقك ولا تتخلّى عنها، كُن قويًا، فالقويّ يحترمه الجميع.
وأساس قوتك أن تكون قيمك ذات صلةٍ بالله، أن تكون روحك موصولةٌ بالله، ذلك هو المصدر الأساسي، والمهم لثباتك في هذه الحياة.
أنت بالله أقوى، وأنت بالله قادرٌ على كلّ شيء، وأنت بالله ثابت ومتوازن، وأنتَ بالله مدركٌ لحل كلّ مشكلة، أنت بالله تنظر للمخرج دائمًا وليس لظلام النفق، أنت بالله واسعٌ صدرك مهما ضاق بقول الآخرين.

 

إن الشخص الأكثر أهميّة في هذا الكون والأكثر استحقاقًا للاهتمام والمراعاة هو (أنت)، التعامل مع الأنا يحتاج للكثير من العناية والحرص، لأنك الشخص المؤثر في تفكيرك، والشخص المؤثر في كيفية إدارة أفعالك وردود أفعالك، في الحفاظ على قيمك وتوازنك، وفي بناء معتقداتك، لذلك وأنت تقرأ القرآن تجد الخطاب فيه موجهٌ لك، تجد بأنه خطابٌ يحمل فعل أمر أو نهيٍ لأجلك، لإيقاظ عقلك، وتبديد غفلتك، أنت ملزمٌ بالاهتداء، بمعرفة الحق واتباعه، ومعرفة الباطل واجتنابه، أنت المسؤول عن نفسك، أنت المحاسب على أفعالك، والمجازى عليها، لن تسأل عمّا فعل جارك، أو عمّا فعل قريبٌ لك، أو عمّا فعل صديقك، ستحاسب عمّا اقترفته أنت، توقف عن الشعور بأنك مسؤول عن الجميع، وبأنك مكلّف بمعرفة أحوالهم جميعًا، وتحملهم عبء الإجابة على أسئلتك الفضولية! ليست هذه مهمتك في الحياة، ولم يكلّفك الله بهذا، التفت لحياتك، توقف عن الخوض في تفاصيل حياة الآخرين، فإن الفضول هو آفة الأخلاق.

 

مهما اعترتك شدّة، وشعرت بأنك تصعد من شدة الأمل، وتهوي من شدة اليأس، تذكّر بأن ما يصعد بك ويهوي بك هو عقلك وأفكارك، الانسان قد يصعد جبلًا من الكبر والجبروت والغرور بسبب ما يدور في عقله عن ذاته، وقد يصبح ذليلًا لا قيمة له بسبب الأفكار التي في عقله، فالإنسان أسير معتقداته، ورهينة عقلة وتفكيره، لن تجد شخصًا متوازنًا إلّا ووجدته وثيق الصلة بربه، يستمد منه الرشد والهداية في التبصر بنفسه، متخليًّا عن (قيل وقال)، متفرغٌ لمعرفة أخطائه وتصويبها، ومعرفة النعم والعطايا التي رزقها والامتنان لربه عليها، هو إنسان وازن بين قيمة نفسه وبين ضعف نفسه، فلا يصبح مغرورًا ولا يصبح ذليلًا!

 

وأخيرًا وجدتُ أنه من المهم أن يكون للإنسان وقفات يستدرك فيها ما فاته، ويصلح فيها أخطاءه، ويهذّب من خلالها شعث روحه، تلك الوقفات التي غالبًا ما تأتي بعد مطاحنة الظروف، ومعاجنة الناس، وتحليل الأحداث، والتأمل في النعم، وقراءة القرآن، والدعاء، والعزلة بالنفس.
فإن كنت يا عزيزي القارئ مستدركًا مثلي فتعقيبك على ما كتبت فيه تبصير وتنوير وتوسيع مدارك.

 

 

هل تتحكّم برامج التواصل الاجتماعي في حياتك؟

المقالة الخامسة في تحدي التدوين: تجربة مررت بها.

Processed with VSCO with hb2 preset

هنالك لحظات في عمرنا تمرّ بنا، نشعرُ فيها بشتاتِ أمرنا، وتعرقل سيرنَا، وأننا نقف في نفس المكان مطولًا دون تقدّم يُذكر، ذهنٌ شارد، فكرٌ غير مستقر، حديثٌ لا يُنتجُ ثمرةً تسد رمق العقل!
فتّشتُ عن السبب، لابدّ وأن يكون هنالك سبب يسرقُ منّي وقتي، ويسرقُ تركيزي، أيُعقل أن يكون هنالك سارقٌ خفيّ يسرقُ منّي دقائق عمري، فيذروها الضياع!
فإذ بي مُمسكةً بذلك السّارق بين يديّ، أقلبه بكل أُلفةٍ وحنان، دون أن أحنق عليه، أو أن يُضرمَ الغضب نيرانه في صدري كما يفعل عندمَا يتلصّص شخصٌ مّا لينتهك حقًا من حقوقي!
توقفت لوهلَة، أجمَع أحداق عيني التي كادت تفرّ من مكانها دهشَة!
ثمّ استجمعَ عقلي قواهُ بعدَ هنيهة من الوقت استعارتها الدهشة لتُجمّد ملامحي!
فقرّرت خوضَ تجربةٍ ماكنتُ أظن نفسي قادرةً عليها، أن أرمي بذلك السارق بعيدًا عنّي، أعتزله.. أهجره.. أيًا كانت المفردات، المهم أن أتخلص من تأثيره على نفسي، أن أختبر حزمي وإصراري، أن أستعيد قوّتي في ألّا أترك المجال لأي شيء أن يسيطر عليّ، مهما كانت أهميته، ألّا يؤثر على تقدمي، على إنجاز أهدافي ومهامي، ووجدتُ نفسي حازمةً صارمةً عازمةً على ذلك.
لم تعرفوا من هو السّارق بعد!؟
إنه هاتفي المحمول، أو بالأحرى ما يحتويه من برامج تواصل اجتماعي، بعضها للتسلية والبعض الآخر لتبادل المحادثات.

كنتُ أمام مجموعةٍ من الخيارات:
– وضع الهاتف في مكان بعيد لفترة محددة.
– حذف برامج التواصل واستخدام الهاتف للضرورة فقط.
– عدم التوثيق أو التصوير للحظات اليومية، وعيش اللحظة فقط.

كلّما جربتُ أحدها، ظهرت لي سلبيات وإيجابيات تلك التجربة.
من وجهة نظري:
كانت التجربَة ناجحة من جانب، وغير ناجحة من جانب آخر.
نتائجها الناجحة:
استطعت إنجاز مهامي اليومية في وقتها، بل تجاوزت ذلك إلى أن أحصل على وقت فراغ إضافي للاسترخاء ومكافأة النفس.
لم أكن أعلم أن استخدام الهاتف لفترة طويلة يسبب نوعًا من التوتر والضيق والملل، وذلك الشعور الذي فارقني تمامًا بعد أن تركتُ استخدامه، حيث أصبح ذهني فارغ، وفكري هادئ.
أصبح نومي مريحًا وهادئ ومُنتظم.
أصبحت لدي القدرة على التحكم في الوقت، بعدَ أن كان المتحكم الأول فيّ!

نتائجها الغير ناجحة:
شعرتُ بأنّي مُنقطعة تمامًا عن العالم الخارجي!
أيضًا أشعر بأن هنالك حلقة من الزمن مفقودة، وأنني كنتُ غائبة.
بعض الأصدقاء يأخذها على محمل (التطنيش) فيوبخني لاحقًا على تعمّدي تجاهل رسائلهم، ومحادثاتهم!
هنالك فُرص ربما فاتتني، مثل اعلانات لدورات مهمّة، أو لقاءات، أو أحداث.

ولتُصبح تجربتي أكثر دقّة، قمت بطرح مجموعة من الأسئلة في مجموعات مُختلفة:


فتقول رندَا- طالبة مبتعثه-:

بأنها جربت حذف برنامج (سناب تشات، تويتر، فيسبوك) ولم تشعر بفرق كبير، بل أن لديها بدائل مثل (اليوتيوب، الواتس اب).
لكنها شعرت بالراحة:
– أنها تعتقد أن استخدامها لتلك البرامج بينما لديها واجبات عليها انجازها يُشعرها بالتوتر والضيق طوال فترة استخدام الجهاز، وتظل في دوامة الشعور بالذنب وتأنيب الضمير، لأنها تهدر وقتها في غير مُفيد.
لذلك عندما تركت تلك البرامج، فإن الشعور بالضيق اختفى، وأصبحت أكثر راحة.
– وجود التنبيهات بين فترة وفترة يسبب القلق، وذلك يدعوها لأن تمسك الجهاز كل الوقت، وعندما تقوم بفتحه فإنها لا تقاوم رغبتها في تصفح بقية البرامج إلى أن يدركها الوقت.
– وبعد أن تركته أصبح لديها وقت أطول.
– تمرّ بها لحظات جميلة في يومها تتمنّى لو تستطيع توثيقها، لكنها تتذكر أن عليها أن تعيش اللحظة وتستمتع بها دون أن تقاطعها بالتصوير والتوثيق، ولكن الظريف في الأمر أنها في بعض الأحيان لتُسكت رغبتها في التوثيق توثق اللحظة تتناول أقرب هاتف لشخص قريب منها وتوثقها، لأنها ترى أن المهم الاحتفاظ باللحظة للذكرى وليس المهم من سيرى هذه اللحظة.
– تختم قولها بأنها ستكرر التجربة كثيرًا، لأنها تركت أثرًا إيجابيًا على حياتها، وأن الشيء الوحيد الذي من الممكن أن يكون جيدًا وفاتها أثناء انقطاعها عن برامج التواصل هم الأشخاص المفيدون حيث فاتتها معلومات قاموا بطرحها، ولكنها تستطيع التعويض عبر برامج أخرى مثل اليوتيوب أو تطبيق انجاز.

أمّا انستازيا –مدوّنة- فتقول عن تجربتها:
أن نظرتها لشبكات التواصل الاجتماعي هي نظرة محبّبة، وتختلف مع كثير من الناس الذي يعلّقون أسباب مشاكلهم على هذه الشبكات، وأن فطرة ابن آدم سليمة، ولكن ابن آدم نفسه هو السبب في النتائج الجيّدة والسيئة.
وتعلّق: بأن هنالك فرق بين إنسان نشيط، يقوم بجميع واجباته، ويعيش حياته، ويخصص للشبكات الاجتماعية وقت محدّد، وبين آخر يعيش حياته كلّها لاهيًا في العالم الافتراضي، ويهمل حياته الواقعية ومسؤولياته فيها!
وفرق بين شخص يغلق هاتفه عندما يقود سيارته، ويُنهي مشاويره بكل يسر وسهولة، وبين آخر يقضي –مشواره- وهو يعبث بهاتفه، ويستغرق وقتًا أطول لإنجاز مهامه، ناهيك عن الحوادث التي كاد يقع فيها بسبب انشغاله بهاتفه!
فطريقة تعاملك مع الشيء تحدد نتائجه، ولكل شيء جانب سلبي وإيجابي حسب استخدامك.
فبالنسبة لي كنت مدمنة لفترة من الوقت، ولكني مع ضغوط الدراسة شعرتُ بضياع المستقبل على توافه الأمور، فقمت بحذف جميع التطبيقات من الجوال باستثناء (الواتس اب)، وشعرت بالفرق.
قمت بنقل التطبيقات التي كانت تسرق جزءًا كبيرًا من وقتي إلى جهاز (الآيباد)، وأصبح هاتفي لضروريات فقط.
أيضًا قمت بتقنين وقتي في استخدام (الآيباد)، حذفت التطبيقات الغير مفيده، وحملت تطبيق (مومنت –moment) وبدأت أراقب استخدامي، وبحمد الله قطعت مشوار كبير، وأصبحت أموري سليمة.
أما التوثيق فكانت تجربتي غير ناجحة، رغم أني تمنيت كثيرًا أن أعيش اللحظة واستغني عن توثيقها، إلا أنني لم أتمكن.
وتختم قولها: كل شيء باعتدال يمشي تمام، لا إفراط ولا تفريط وأعطِ كل ذي حق حقه، معرفتك لحدودك وخصوصيتك وعدم السماح لأي شخص بتعديها، وألا تجعل الأجهزة تسرق منك عمرك ولحظاتك الجميلة.

وتدلي برأيها سميّة –مدونة-:
بأنها جربت ترك الهاتف في مكان بعيد عنها عند انشغالها بأمر ما، فتنجز أكثر مما لو كان قريبًا منها، حيثُ أنه عندما يكون في متناول اليد فإن التقاطه سيكون بلا وعي.
وأنها في فترة اختباراتها قامت بحذف جميع البرامج، وشعرت بأنها كانت أكثر تركيزًا وإنجازًا بعيدًا عن التوتر والقلق، بل كانت تنهي مهامها بكل أريحية.
وأيضًا عندما كانت في سفر لمدة اسبوعين، كانت من أجمل الفترات التي سافرت فيها، لأنها استمتعت بكل لحظة، حيثُ عاشتها دون أن تشاركها مع أحد على شبكة الانترنت، حيث ترى بأن توثيق اللحظات اليومية والاحتفاظ بها دون مشاركتها أو نشرها للآخرين له متعة خاصة وجميلة، تُنعشك في الأوقات التي تحتاجين فيها أن تعودي بالذاكرة لتلك اللحظات، فتؤيد فكرة التوثيق لكن دون نشرها للآخرين.
ولكن ذلك الانقطاع أثر على حياتها الاجتماعية، حيث أنها في فترة الانقطاع حدثت أمور لم تكن تعلم عنها، مما استدعى عتاب الأصدقاء والأهل، خاصة وأن الجميع أصبح يستخدم هذه البرامج عوضًا عن التواصل الشفهي بالهاتف، أو حتى بالرسائل الخاصة.
وترى بأن التجربة كانت ممتعة بالرغم من بعض عواقبها الغير جيدة، وأنه من الأفضل الاعتدال في استخدامها، وتدريب النفس على ذلك، فهي ربما تكون ضرورة في حياتنا، ولكن يجب أن نتحكم فيها وألّا ندعها تتحكم فينا.

أما أمجاد –مدوّنة-:
جرّبت حذف أغلب البرامج باستثناء (الواتس اب) لأنه ضروري جدًا بالنسبة لها، خصوصًا في مجموعات العائلة والصديقات.
وجرّبت أيضًا عدم التصوير وتوثيق اللحظات اليومية، وأن تعيشها فقط، واستمرت لمدة شهرين أو أكثر، وكانت تجربة ممتعة بالنسبة لها، بل من أمتع ما جربته في حياتها الالكترونية على حد تعبيرها، فقد عاشت حياتها الاجتماعية بكل أريحية، وأصبح الوقت طويلًا، دون أن تنشغل بالتقاط الصور.
لقد أحبّت التجربة واستمتعت فيها، ومن الإيجابيات شعورك بأن هنالك متسع من الوقت لإنجاز المهام والأعمال، والاستمتاع بكل دقيقة فيها، وأن اليوم ينتهي وأنتِ مُنجزة لكل أعمالك.
سلبياتها: عدم تفهم البعض، خصوصًا عندمَا لا يجد ردًا منك خلال ٢٤ ساعة من محادثته لك، وأن هناك بعض التطبيقات تحتاج منك القاء نظرة عليها بين فترة وأخرى.
وتعتقد بأن لهذه البرامج أهمية فيما يخص التطوير ومجالات الدراسة.

وهنالك الكثير من الردود وصلتني على هذا النحو، لا يتسع المجال لذكرها جميعها.
لا شكّ بأن لكل زمان أدواته التي يتفاعل بها المجتمع مع بعضه البعض، وعصرنا هذا أصبح مكتظًا بهذه البرامج، لن أجزم بسلبيتها لأن لها آثارًا إيجابية جمّة، يجب أن نستشعر أنها نعمة قبل أن تكون نقمة، لقد أوصلتنا إلى عوالم بعيدة، وأوصلت إلينا علومًا وبحارًا من المعرفة ما كنّا لنصل إليها إلا بشق الأنفس، لقد يسّرت طلب العلم، وسهولة الاستفتاء، هي سلاح هذا العصر، حيث لم تعد الحربة والرمح والسيف شيئًا يُذكر، أصبح الفكر والعقل هو الهدف، والموهبة هي السلاح، والمؤثر الأول، لا ينبغي ترك هذا السلاح ليأخذه غيرنا وربما لن يكون جديرًا به، فيعيث في الأرض فسادًا!
علينا أن نسخر هذه التقنية لخدمة واقعنا، لا أن نسخر واقعنا لخدمة التقنية، خير الأمور ما كان على ميزان من العدل والدقة، وكان على قدرٍ من الصحة، لا ينبغي أن نفصل أجسادنا عن أرواحنا، وأبصارنا عن بصائرنا، أن نكون أُولِى بصيرة ولب وفهم.