نعم يا عزيزي ربما أنا وأنت نقف عند النقطة التي لا ندرك فيها ما إذا توجب علينا إكمال السير أم تغيير الوجهة، إنها النقطة الحاسمة التي يجب علينا أن نضعها آخر السطر، ثم نبدأ بعدها بأرواح جديدة.
كم من الأمور اعترضتنا وتساءلنا حينها هل نكمل!
نكمل مع معرفتنا المسبقة بكل الثقوب التي قد تتسرب من خلالها أرواحنا ثم نصل إلى النهاية ونحن معدومين من الروح ومن الحياة!
أم نغير الوجهة بأرواح جديدة، وأجساد صلبة، نضع خطة جديدة لحياة جديدة.
أن نجرب مذاقًا مختلفًا للحياة؛ مذاق الإصرار، مذاق التحدي، مذاق النهوض بعد السقوط، مذاق القوة بعد الانهزام، مذاق العزة بعد الهوان.
تستوقفني فكرة ان الحياة أوسع مما نظن وأن الخيارات متعددة، وأننا كنا مخطئين عندما وضعنا أمامنا خيارين لا ثالث لهما! بالرغم من أن هنالك خيار ثالث ورابع وخامس … إلى مالا نهاية.
هنالك فرص كثيرة أشخاص كثيرون قد تجمعنا بهم الحياة، هنالك شخصيات متعددة في مجالات متنوعة، هنالك أبواب كثيرة إن سدّ باب طرقنا الآخر، هنالك أفراح كثيرة تنتظر أن نشعر بها، هنالك هموم كثيرة لم نشعر بها بعد، الحياة أسع مما نظن وأعمق مما نحن عليه الآن، وكلما تنوعت التجارب وتنوعت المعارف تعمقنا أكثر في الحياة.
تظن بأنك الوحيد الرائع في هذه الحياة، ثم تصادف من هو أروع منك، تجالسه، تتعلم منه، تحادثه، فتأخذ منه جانبًا من الحياة لم تكن تعرفه، تفارق شخصًا تظن أنك لن تجد أروع منه، ثم تصادف آخر يجعلك تقسم في خلجات نفسك أن الفراق خير، لطالما كانت الحبال الممتدة لإنقاذك كثيرة ولكنك ظلّيت لوقت طويل متمسك بالحبل الخطأ، الحبل الذي لا يرفعك ولا ينقذك، الحبل الذي يجعلك معلّق تستصرخ النجاة، وفي اللحظة الحاسمة تقرر الإمساك بحبل آخر يرفعك من بئر الحيرة والتخبط إلى نور الحياة.
في خضم استعراض البعض بالتغيرات التي حدثت لهم بعد انقضاء سنوات عدة من أعمارهم، هل تستطيع معرفة كيف تؤثر الأحداث البسيطة في حياتك، كيف يمكن للمواقف أن تكون نقاط تحول في سيرك، وكيف يمكن للسنوات أن تصنع منك شخصًا يختلف تمامًا عن ما كان عليه من قبل.
كان فيلم Mystic River الخيار الأمثل الذي قد يطابق المرحلة، كيف كنت في طفولتك، وما هو الشخص الذي أصبحته!
ذلك ما عكسه الفيلم والذي أخرجه لنا المخرج الأمريكي Clint Eastwood وهو ممثل ومخرج ومؤلف موسيقي للأفلام ومنتج سينمائي.
حيث تدور القصة حول ثلاثة أصدقاء طفولة تجمعهم الحياة بعد ٢٥ سنة، فمالذي قد تخلفه أحداث الماضي في مستقبل الشخصيات.
حدثٌ يحدث في الماضي قد يعيد تشكيلك من الداخل، قد يصنع منك شخصًا مختلفًا تمامًا، قد يحول ملامح وجهك ونظرتك، وتفكيرك، لجميع الأمور.
وكما أدهشني Tim Robbins في أعماله السابقة، واصل فعل ذلك من خلال شخصية “دايف”، الطفل البريء الذي برمية صائبة منه اختفت الكرة، تبع ذلك اختفاء أشياء كثيرة في شخصيته، اختفاء جزء من روحه، انطفاء لونه، كيف أن حدثًا في الطفولة قد يلاحقك بقية العمر، قد يرسم لك طريقًا مختلفًا ومستقبلًًا يختلف تمامًا عمّا حلمت به، وأن النهاية قد تأتي وأنت غير مستعد لها بالكامل؛ في هذا العمل كانت الحياة غير عادلة مع “دايف”.
بالإضافة إلى “Sean Penn” البطل العظيم في أداء دور “سام” في فيلم “I’m Sam” عام ٢٠٠١، قام بتأدية دور “جيمي” في هذا العمل، الشخص المختلف في المجموعة، المتهور، والذي عاقبته الحياة بطريقة مؤلمة، ألم الفقد وألم الشعور بالذنب، وبرأيي أن هذين الألمين لا يضاهيهما ألم فكيف إذا اجتمعا!
ما إن انتهى الفيلم حتى تبادر التساؤل إلى ذهني، هل أحداث الماضي هي التي تحدد المستقبل! أم أن باستطاعتنا التخلص من أثر الماضي، واختيار الطريق الذي نريد أن نسلكه!
باعتقادي أنه بالإمكان ذلك، ولا أجزم. قد يكون الماضي جزء من القصة، لكن باستطاعتنا أن نجعله فصلًا سابق لا يرتبط بالذي بعده، قد تكون الفصول التالية تختلف تمامًا عن السابقة، وقد نكون أشخاصًا مختلفين تمامًا عمّا كنّا عليه، ولا أرى أنه من الصائب أن يكون الشخص الماضي ماثلًا أمامك في المستقبل، أرى بأن التركيز على الشخص الذي تريد أن تكونه في المستقبل قد يساعدك على قطع شوط كبير في الحياة، والوصول بسرعة أكبر نحو هدفك، تلك النتيجة والقاعدة التي اتبعتها أثناء جريي على جهاز السير في النادي الرياضي، عندمَا كنت أبدأ الهرولة وعينيّ مثبتتان على عداد الثواني، فإني لا أستطيع أن أقطع ربع المسافة التي قررت قطعها، ولكن عندما تجاهلت العداد تمامًا وركزت على الهدف في عقلي والذي أريد الوصول إليه استطعت ببساطة الوصول للهدف، وما تيقنت منه بأن تفكيرنا هو الذي يحدد حركتنا، هو الذي يحدد وجهتنا وهو الذي يحدد طاقتنا، النظر إلى الماضي بكثرة قد يؤدي إلى هدر الكثير من الوقت والكثير من الطاقة، بينما التركيز على الهدف يبث طاقة إضافية ويؤدي إلى استغلالٍ أمثل للوقت.
فالحيَاة هي ذلك النهر الغامض الذي نغسل فيه أرواحنا، النهر الذي نسبح فيه نحو أحلامنا، النهر الذي ندخل فيه بهيئة ونخرج منه بهيئة أخرى.
تعرفين أنك دائمًا ما تختصرين عليّ مسافة في الكتابة عن ما بداخلي ! أمشي وعينيّ عليك دائمًا لأني أستمدّ منك الإلهام والطاقة الأكبر دونما تدركين أو أدرك ، تدوينتك هذه جعلتني واثقة بأنّي لست وحدي في ما أشعر، لايخبو لكِ أمل ولا ينضب لكِ قلم بإذن الله ()