حسنًا.. أكتبُ الآن وأنا أشعر بشعور جيّد تجاه نفسي، مزيج من الفخر والاطمئنان والثقة، لقد أمضيت الأيام السابقة برفقة نفسي، حقّقت عددًا من الأمنيات، مارست الهوايات المحبّبة لقلبي، دوّنت عددًا من التدوينات المتتابعة، تحدّثت إلى أشخاص ملهمين.
الكثير من الأشياء الجميلة حدثت تباعًا، وذلك ما جعل شعور الامتنان يتراكم بداخلي، أن يخبرك شخصٌ ما بأنه فخور بك ذلك يجعل شعور الانتشاء ينتشر في صدرك، يتمدد عبر أضلعك؛ بالمناسبة: اكتشفت بأن صدق العبارة يصنع فارقًا بأيامك، بالإضافة إلى حسن الحديث، لذلك أريد التنويه على عنصر اللباقة والذي يقارب بين القلوب. (كلمة طيّبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء).
عودةً إلى حديثي عن الأيام الجميلة، تضمّنت تلك الأيام أمورًا عدة أوصلتني إلى استنتاجات تستحق التدوين:
- كُن منفتحًا للتجارب واقتنص الفرص اقتناص الصقر لفريسته.
- جرّب أمورًا عدة، لا بأس في تعدد التجارب، لن تُنقص منك شيء بقدر ما ستضيف لك الكثير.
في إحدى الحوارات التي دارت بيني وبين أحد الأشخاص حول تعدد التجارب والهوايات، البعض يشعر بالخزي عندمَا لا يحدد نفسه ضمن أمر واحد ويشعر بأن تعدد الأمور التي يهتم بها يدل على تشتته، ولي وجهة نظر مغايرة حول هذا الموضوع، أن تكون متفتحًا للعديد من التجارب، ومستقبلًا لخبرات متنوعة هو أمر جيّد، وبالطبع حدود هذا التنوع معروفة، وذلك أن تكون في المجالات التي من الممكن ممارسة أمور متنوعة فيها، كالهوايات، والاطلاع على المجالات المتنوعة، فلا بأس بأن تكون موظفًا في مجال ينضح بالأرقام والمعادلات، بينما لديك اهتمام بمجال آخر لمعرفة الجديد فيه والقراءة فيه، والبقاء على اطلاع دائم، وذلك ما سهّلته علينا وسائل التواصل الاجتماعي.
- تعلّم فنّ اللامبالاة، ولكي تتعلم هذا الفنّ المدهش والمريح أنصحك بقراءة كتاب (فن اللامبالاة) للكاتب: مارك مانسون. وبهذا الخصوص أريد الالتفات إلى ترجمة الحارث النبهان، لقد عقد المترجم صلحًا بيني وبين الكتب المترجمة من خلال عمله المبدع والمتقن في نقل الفكرة من لغة إلى أخرى بسلاسة تامة ووضوح وإبداع.
- تجاهل كل من يحاول سحبك إلى منطقته الغير مريحة، السلبية، والمليئة بالضغائن، تجاهل مشاعر الغيرة والحقد المنبعثة من الآخرين، لا تفكّر في الأمر كثيرًا، ولا تفتّش عن أسباب كراهية بعض الأشخاص لك، عوضًا عن ذلك مارس أمورًا تحبهَا، كأن تكون في علاقة مريحة باعثة للاطمئنان.
بالمناسبة: الأشخاص الذين ينفثون نيران غيضهم في وجهك لا يحرقونك بل يعلّمونك كيف تصنع لنفسك الحماية اللازمة كي تتجنب التأثير المنبعث منهم.
- لا توجد مهمّة صعبة، أؤمن بدرجة كبيرة بأن عقل الانسان معجزة إلهية، وبأنه قادر على تبسيط جميع المهام وإنجازها، ستندهش من نفسك حين تخبرها دائمًا بأن المهمة بسيطة ويمكن إنجازها في وقت قصير.
- اشرع مباشرة في تطبيق الأمر، وتنفيذ المهمة دون تردد، لا تعلّق المهام ولا تؤجلها، ما دمت مستعدًا بنسبة ٥٪ فأنت بالتأكيد مستعد، لا تفوت تلك النسبة البسيطة، منها ستنطلق إلى إنجازات عظيمة.
- حين تحتاج المساعدة اطلبها دون تردد، اسأل عندما تريد أن تعرف شيئًا محددًا، ابحث عندما تريد الحصول على معلومة أكيدة، مرّن مهارة البحث لديك، ابتكر طرقًا جديدة للوصول إلى المعلومة.
في عملي الحالي واجهتني مشكلة (صعوبة الحصول على المعلومة الصحيحة في وقت قصير وبجهد بسيط) كنتُ أنظر لتلك المشكلة بأنها معيقة لتقدمي، فيما بعد أيقنت بأن تلك المشكلة مكّنتني من اكتشاف مهارة البحث لدي، صعوبة الوصول للمعلومة مكّنني من ابتكار طرق عديدة لتوفير المعلومات وتقريبها وجعلها متاحة لي في الوقت المناسب، لم أكن لأتعلم تلك المهارة لو لم تكن المشكلة موجودة، لذلك بعض المشكلات هي في حقيقة الأمر أمورًا جيدة تحصل لنا، نتعلم من خلالها العديد من المهارات والأساليب المبتكرة.
- ابق على تواصل فعّال بالأشخاص الذين يبثّون شعور الراحة، الأشخاص المحفزين، والنشيطين، ستجد منهم طاقة عظيمة في الوقت الذي تشعر فيه بكسل أو إحباط، أبقهم على مقربة منك.
تلك الاستنتاجات لم أتوصل لها بين عشية وضحاها، لقد مرّرت بمخاض طويل خلال الفترة السابقة، واجهت شخصيات متنوعة ومختلفة، ولا زلت. ولكن القراءة والاطلاع الدائمين كانا عامل مساعد لتخطي الصعاب، بالإضافة إلى الحوارات الهادفة، التعرّف على أشخاص جدد، بناء علاقات قوية، تلك الأمور تعالج الانكسارات التي تتسبب فيها المواقف والظروف الصعبة.
وأخيرًا.. رغمًا عن أنف الظروف المحيطة بك، عليك أن ترفض إلّا أن تتألق، لأنه سيبدو من السخيف جدًا أن تتوقف هنيهة من الزمن لتعطي الفرصة للآخر المليء بندوب الشؤم، والمشوّه بفضاضة الطباع، وغلاظة القلب، أن يلمس رغبتك الجامحة في أن تتجاوز كل عقبة، من السخيف أن تفسح له المجال ليكون هو العقبة. تذكّر كلامي جيدًا.
حظًا موقفًا يا أصدقاء